قد لا يُدرك البعض عمق وأهمية ما تسببه حبوب الشباب من الخيبة واليأس والقلق وغيرها من الآثار النفسية لدى المُصابين، من الإناث والذكور. وذلك نظراً لمعنى التغيرات الناجمة عنها على صفاء البشرة وجمال الوجه لديهم، والتقبل الاجتماعي لهم. وهي تغيرات من المتوقع أن تحصل نتيجة لعمليات الالتهابات الجلدية في بُصيلات منابت الشعر وما ينشأ بعد زوال عمليات الالتهابات تلك وما يتبعها من تغيرات في لون الجلد وحصول الندبات فيه، خاصة عند تعامل المراهقين مع تلك الحبوب بطريقة عشوائية لا تخضع للنصائح الطبية التي تهدف إلى تخفيف حدة الالتهابات والعمل على تقليل تأثيراتها بعيدة المدى قدر الإمكان. ظهور حبوب الشباب ليس بالضرورة رهنا بسن المراهقة، إذْ حتى منْ هم في سن الأربعين قد يُصابون لأول مرة بحبوب الشباب في تلك المرحلة من العمر. والغالب أنها تُصيب 40% من المراهقين، خاصة بعد سن الثانية عشرة، وتستمر لحوالي خمس سنوات، منتشرة إما على الوجه أو العنق أو الظهر أو الأكتاف أو العضد.
أسباب متعددة وآلية واحدة وبالرغم من أن حبوب الشباب تنشأ لأسباب عدة، إلا أنها في نهاية الأمر تؤول إلى آلية مرضية واحدة، وهي أن المواد داخل بصيلة الشعر تُصبح ثخينة ولزجة، ما يُؤدي إلى أن تسد المسامات التنفسية المحيطة بمنبت الشعر على سطح الجلد. ومن المعلوم أن ثمة غددا دهنية مجاورة لبصيلة الشعرة، وهي التي وظيفتها الإفراز المتواصل لمواد دهنية، وظيفتها العمل على ترطيب الشعرة. وحينما تنسد المسام التي تخرج من خلالها هذه المواد الدهنية المُرطبة، فإن الدهون تتجمع خلف الانسداد، وتصبح منطقة منبت الشعرة وتراكيب الغدد الدهنية المرتبطة بها عُرضة لالتهابات بكتيرية. ومن ثم يظهر على سطح الجلد الخارجي خليط من تغيرات جلدية غير طبيعية تُدعى كلها «حبوب الشباب». وهي تظهر بدرجات مختلفة وذات أشكال عدة، ليبدو بالتالي انسداد مسامات البشرة وتبعات ذلك، إما على هيئة رؤوس بيضاء أو سوداء لا التهاب بكتيريا فيها، أو على هيئة بثور جلدية حمراء ومنتفخة نتيجة لالتهاب بكتيري، أو نشوء كتل عميقة محسوسة تحت الجلد. وما يحصل في مرحلة المراهقة هو تغيرات هورمونية تطال زيادة إفراز هورمونات الذكورة androgens لدى الذكور ولدى الإناث على السواء. وتعمل هذه الهورمونات على زيادة إفراز الغدد المرتبطة بالشعر لموادها الدهنية وبهيئة ثخينة، ما ينجم عنه التسبب بضيق مجرى خروج المواد الدهنية هذه إلى السطح الخارجي للجلد، ومن ثم سد المنافذ تلك مع الإفراز المتواصل لكميات عالية من الدهون الجلدية.
التهاب بكتيري والوضع إلى هنا يتسبب بظهور رؤوس بيضاء فقط على منابت الشعر. ثم مع عمل أوكسجين الهواء على التفاعل مع محتويات الدهون تلك، تبدو الرؤوس السوداء اللون لدهون مؤكسدة. والإشكالية الأعمق هي ما تبدأ بدخول نوع من البكتيريا يُدعى بروبينوباكتيرم أكنس Propionebacterium acnes. وهي بكتيريا منتشرة بشكل طبيعي غير مؤذ في الغالب على الجلد. ودورها في سيناريو مسرحية تداعيات حبوب الشباب مبني على ذلك العشق لديها للتغذي على المواد الدهنية التي تُفرز من قبل غدد الشعر. وحينما تتجمع كميات كبيرة من هذه الدهون، تجد البكتيريا هذه مرتعاً خصباً ومليئاً بالغذاء فيها، ما يُسهل تكاثرها ونشوء حالة من الالتهاب البكتيري لحبوب الشباب. وما يزيد الطين بلة هو أن فضلات هذه البكتيريا تتسبب بتهييج مُضاف للغدد الدهنية، ما يرفع من مستوى عملية الالتهابات في منطقة بصيلة الشعر.
ونفس التغيرات الهورمونية قد تصحب حالات الحمل أو أوقات من الدورة الشهرية، ما يرفع احتمالات تهييج الالتهابات في حبوب الشباب. كما أن التغيرات المناخية قد تزيد الأمور تعقيداً عند عدم الاهتمام الشخصي، مثل ملوثات الهواء أو الحرارة العالية أو الرطوبة الشديدة أو البرد الشديد أو معايشة ضغوط وتوترات نفسية أو تناول أدوية معينة أو العبث بالحبوب وعصرها وحكها وغيرها مما يتسلى به المراهقون لإيذاء أنفسهم وتعميق الضرر ببشرتهم وتشويهها!
* معالجات موضعية وعامة قد تكفي العلاجات الموضعية على منطقة حبوب الشباب في القضاء عليها، في حين قد تتطلب معالجة بعض الحالات تناول حبوب دوائية تعمل بشكل عام في الجسم. وأهداف العلاج موجهة نحو تخفيف الزيادة في إفرازات الغدد الدهنية، ونحو القضاء على نمو البكتيريا وتكاثرها في منطقة الحبوب. ومن المهم التنبه إلى أن العلاجات تأخذ ما قد يصل إلى ستة أسابيع كي تظهر فائدتها، كما أن الاستمرار بالمعالجة تحت إشراف الطبيب قد يستمر حتى بلوغ العشرين للمراهقين، هذا بالإضافة إلى أن نصائح العناية المنزلية بالبشرة يجب المداومة على اتباعها.
وهناك كريمات موضعية تعمل على عدم انسداد مسام الجلد، كما أن منها مضادات حيوية موضعية للقضاء على البكتيريا. وتجدر الملاحظة أن الحبوب الدوائية الجديدة لحبوب الشباب تتطلب أن لا تحمل المرأة أثناء استخدامها، كما تتطلب متابعة الطبيب لوظائف الكبد وغيره في الجسم.
* التعامل المنزلي مع حب الشباب الوقاية والمعالجة
* للتعامل بشكل صحي مع حب الشباب حال ظهورها أو للوقاية من تكاثرها أو عودة ظهورها، اتبع النصائح التالية:
- اغسل وجهك مرتين يومياً بأحد منظفات الوجه العادية. واحرص على غسل وجهك كلما تصبب منه العرق. ولا تُحاول فرك أو دعك بشرة جلد الوجه آنذاك، لأن ذلك سيزيد حب الشباب سوءاً. - تجنب قصات أو تسريحات الشعر التي تتدلى فيها خصلاته على الوجه، وأغسل شعر الرأس بالشامبو بانتظام.
- لا تعصر أو تُحاول إخراج ما في بثور حب الشباب منْ مواد دهنية أو صديدية، لأن ذلك سيتسبب في ارتفاع احتمالات حصول ندبات جلدية دائمة على الوجه.
- تجنب تعريض وجهك للبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة أو أشعة الشمس الحارقة. - استخدم مرطبات للبشرة مصنوعة من مواد مائية، لأن الدهنية منها تعمل على سد المسامات فيها.
- لا تُوجد إثباتات علمية على أن أي من المنتجات الغذائية يرفع من احتمالات الإصابة بحب الشباب، لكن لو لاحظ المرء أن أي واحد منها يتسبب في تهييج حب الشباب فمن المنطقي تجنب تناولها.
- استشر طبيبك بشكل مباشر للإجابة عن أي تساؤلات.
* وسائل علاجية للتغلب على الندبات الجلدية لحبوب الشباب
* تُعتبر الندبات، وتغيرات لون الجلد، من أهم آثار حبوب الشباب. وهي إما دائمة، تستمر بقية العمر على الجلد، أو زائفة، تزول خلا ستة أشهر عادة. والندبات تتكون عادة في منطقة الالتهاب أو الجرح أو الإصابة، نتيجة تفاعلات وإفرازات جهاز مناعة الجسم لمواد ليفية. وتقول الرابطة الأميركية لطب الجلدية: إنه من الصعب التكهن منْ سيصاب بالندبات ومنْ ليس كذلك ممن لديهم حبوب الشباب، ومن ستكون الندبات لديه أكبر وأعمق، وكم سيطول أمد وجودها؟. وتؤكد الرابطة على أن من أهم ما يُفيد في منع نشوئها هو البدء في علاج حبوب الشباب والاستمرار في ذلك طالما كانت حالة الحبوب تتطلب المعالجة، لأن النجاح في تقليل التهابات الحبوب يعني النجاح في منع ظهور الندبات. وحال الإصابة بالندبات، ترى الرابطة أن الوسائل العلاجية المتاحة هي: ـ الكولاجين الذي يُحقن بهدف شد الجلد أو ملء فراغ فيه، لأنه مادة ليفية طبيعية في الجسم، وهو مفيد للندبات الرخوة والمضغوطة المفلطحة. وفائدة الحقن قد تستمر لحوالي ستة أشهر، أي حتى زوال مادة الكولاجين، لتعود الندبة إلى شكلها السابق، ما يتطلب إعادة الحقن. ـ زراعة الشحم، الذي يُؤخذ من منطقة أخرى في الجسم ليُحقن تحت جلد الندبة العميقة لرفع مستواها. ويستمر مفعول الطريقة حوالي السنة ونصف السنة. ـ كشط الجلد، الذي يُعتبر أفضل معالجة للندبات، لأن تقنيات خاصة لكشط وتعديل شكل الجلد تُستخدم لإزالة الندبات السطحية بالكامل أو أجزاء من الندبات العميقة. ولكنها قد لا تناسب منْ بشرتهم داكنة لاحتمال تسببها في زيادة غمق بقع اللون الغامق فيه. إلا أن وسيلة الكشط بكريستالات أوكسيد الألمونيوم، تعتبر أفضل لأن طبقة رقيقة جداً من الجلد تُزال خلال عدة جلسات من دون التسبب بأية آثار جانبية تُصاحب في كثير من الأحيان الكشط العادي. ـ العلاج بالليزر، ويعمل عبر تعريض المنطقة لعدة أنواع من موجات أشعة الليزر في إعادة تشكيل هيئة الندبة وتخفيف احمرارها. ـ جراحة التجميل، وهي ما تناسب أنواعاً من الندبات، وتُعمل بآليات جراحية مختلفة لإزالة الندبات العميقة أو الندبات البارزة.