هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفصل الثالث(لا تقولي لا)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الطائر الحزين
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
الطائر الحزين


انثى
عدد الرسائل : 735
العمر : 32
تاريخ التسجيل : 22/12/2007

الفصل الثالث(لا تقولي لا) Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثالث(لا تقولي لا)   الفصل الثالث(لا تقولي لا) Icon_minitimeالأحد يناير 06, 2008 3:55 pm

3- الدوامـــــة




" ديانا! "
كان صوت جايسون الذي استيقظ، قد ايقضها من تأملاتها واعادها الى الواقع، الى غرفتها في الفندق، الى البرد الذي يعم الغرفة والى حيرتها التي لاتنتهي.
سالها:
" ماذا تفعلين؟ "
وبالكاد كانت تميزه في العتمة. فجأة شعرت بالتوتر، وقالت:
" اني ... اني اعد النجوم"
" هذا عمل شاق لاينتهي، ان عدد النجوم لا نهائي".
فوجئت ديانا، لقد صدقها، اذ لم تكن هناك سخرية في صوته.
اضاف هامساً:
" البرد قارس! لماذا لا تخلدين الى النوم هنا في السرير؟ "
اجابته وهي تحاول التغلب على قشعريرة البرد التي تجتاح جسمها:
" انني مرتاحة حيث انا شكراً".
قال وهو يخنق ضحكة صغيرة:
" لاخطر عليك اذا كنت قربي. انا مرهق ولن اقوم بأي عمل فيه اجهاد".
كانت تعرف جيداً ماذا يعني. وفهمت ان جايسون لم يعد يرغب فيها. لم تعد تلك المرأة التي احبها التي كانت تعني له اشياء كثيرة.
لماذا عليها ان تعاني من هذا الوضع؟ فهي تعرف جيداً انه لم يعد يريدها، وقاست من العذاب ما يكفي بعد انا غادر لندن منذ خمسة عشر شهراً. الى هيوستن. كانت تنتظره آملة ان يعود. وبعد مضي شهر بكامله لم تسمع عنه شيئاً، فاقتنعت بأنه لن يعود.
ومرة سألت والدها اذا كان يعرف شيئاً عن جايسون وعن مكان وجوده. فقال والدها وهو يلقي اليها نظرة باردة:
" لماذا تطرحين هذا السؤال؟ "
" منذ اكثر من شهر لم اسمع عنه شيئاً. وبدأت اخشى ان يكون قد وقع له حادث ما. "
ثم انفجرت باكية وهي تقول:
" آه ، يا ابي، تشاجرنا في لقائنا الاخير، فغضب ورحل. والآن بدأت اعتقد باني ربما خسرته الى الابد! "
" اني افهم الآن. هناك وسيلة واحدة لمعرفة الحقيقة. ليس عليك الا ان تكتبي له رسالة، وابعثي بها الى عنوان شركته، التي ستوصلها اليه بالتأكيد. اني متأكد من انه يملك السبب الحقيقي لصمته."
عادت الى منزلها وبدأت تكتب الرسالة . وكانت تجد صعوبة كبرى في اختيار الكلمات. كأنها تكتب لرجل غريب. وبرغم كون العلاقة بينهما حميمية، اكتشفت ديانا انهما لم يعرف احدهما الآخر كفاية. فلم تستطع ان تكتب له الا عن الامور السطحية من دون ان تذكر شيئا عن العذاب الذي تعاني منه جراء رحيله.
الحياة تستمر والايام اصبحت اسابيع والاسابيع شهورا. وديانا لم تتسلم جوابا على رسالتها. لم تستطع ان تكتب اليه رسالة اخرى. كانت تخبر صديقتها اونيس بما تشعر به وهي في قبضة الانتظار. فراحت تحاول اقناعها ان زواجها من جايسون كان خطأ عليها ان تنساه وتبدأ حياة جديدة.
قالت اونيس:
" نال من هذا الزواج ما يريد. وعندما قلت له انك ترفضين وقاحته، انتهزها فرصة ليتخلى عنك. وهو كان ينتظر فرصة كهذه، لأنه لم يعد يرغب فيك. لو كنت مكانك. لطلبت الطلاق. في اي حال، لن يعود اليك ابداً".
لكن ديانا كانت تقاوم طويلا فكرة الطلاق. وفي احدى الليالي، بعد سهرة امضتها مع اونيس وبول، قام هذا الاخير بتوصيلها حتى باب منزلها. وهناك حاول ان يقبلها. لكنها صدته واذا به يصرخ بصوت غاضب:
" لم اعد قادراً على الانتظار اكثر من هذا. "
" اسفة يا بول. لاتظن انني اتجاهل صداقتك. لكن جايسون مازال زوجي، و..."
" اعرف ذلك جيداً. لكن حان الوقت لتتخذي موقفاُ من هذا الموضوع."
" هل تعني ان علي ان اطلقه".
" نعم. وهذا يجعلني اكثر من صديق لك. انه يتيح لي ان اتزوجك."
" لكن علي ان اتصل بجايسون قبل ذلك. لا يمكنني ان احصل على الطلاق من دون ان اكلمه، او اراه. انني لا اعرف اين هو."
" ليس من الضروري ان تريهاو تحدثيه. ما عليك الا تسليم القصية الى محام لامع، يمكنه ان يرتب الامور بسهولة."
" شكرا لنصيحتك هذه، وربما هذا ما سأفعله، سأستشير احد المحامين، وسأعلمك بالامر في حينه."
لكنها لم تستشر اي محام. لقد فضلت ان تطلب النصيحة من والدها، الذي سألها ببرود:
" ولماذا تريدين ان تتصلي بجايسون هذه المرة. في المرة الاخيرة، لم يحالفك الحظ."
اجابته قائله:
" بول يريد ان يتزوجني."
" وانت؟ اتريدين الزواج من بول؟"
" لااعرف، اني احترمه، انه لطيف جدا معي، لكني خائفة من ارتكاب غلطة اخرى."
سألها كريستوفر في حدة:
" هل تعتقدين ان زواجك من جايسون غلطة"
اجابته من دون تردد:
" كلا، آه، لا اعرف. لم نتزوج الا من وقت قصير ونادرا ما رأيته وبالكاد اعرفه! يا ابي ارجوك ان تقول لي: ماذا افعل؟"
" بصراحة يا عزيزتي، اعتقد انك في حاجة الى اجازة يجب ان تغادري شقتك، لتذهبي الى مكان مختلف تماما، حيث لا تعرفين احداً. اعتقد انه يمكنك ان تطلبي اجازة من عملك."
" نعم، لدي اسبوعان من اجازتي، لكنني كنت انوي ان امضيها في اليونان، مع اونيس."
قطب كريستوفر حاجبيه وتابع يقول بصوت هادئ:
" لا اعتقد ان سفرك مع اونيس الي اليونان هو الحل الجيد. فهي شقيقة بول وغالبا ما تراه، وستجدين صعوبة في اتخاذ قرار عادل، حسب رأيي، من الافضل ان تأتي معي الى اميركا الجنوبية بعد اسبوع من الآن. سأذهب اولاً الى فنزويلا، ثم الى الاكوادور وبعدها الي البيرو، اذا سمح لي الوقت بذلك. انها رحلة عمل واستجمام في الوقت نفسه. هل تعجبك فكرة مرافقتي، كما في الماضي؟"
قبلت ديانا عرص والدها واحست بارتياح. وها هي الان في كيتو، و والدها مصاب في قلب الادغال. وزوجها نائم في سريرها.
نهضت ديانا. احست بالبرد يخترقها. وشعرت بحاجة الى دخول السرير، و وضع غطاء فوق جسمها البارد.
كان جايسون نائما، وهو لن يشعر بها اذا اندست في السرير. الم يطئمنها انه لن يحاول ايذائها او حتى لمسها.
رفعت زاوية الغطاء وتمددت في الجهة الفارغة من السرير ورمت الغطاء فوقها واحست بالراحه والحرارة. مدت قدميها وتركت اطرافها تسترخي.
بعد ذلك بقليل تحرك الغطاء فجأة. قتحت ديانا عينيها. كان جايسون يتحرك في السرير واذا بذراع ثقيلة جامدة تقع على جسمها وتسمرها في السرير.
راح قلب ديانا يخفق مثل عصفور سجين. ولم تحاول القيام بأي حركة، لقد برحها النعاس، كانت خائفة ان يستيقظ زوجها.
وبالرغم منها، شعلت. تحركت يد جايسون الموضوعه فوقها، فلم تقم بأي حركة. واذا بجايسون يدور الى الجهة الثانية ويبتعد عنها. استعادت ديانا تنفسها وسمعته يهمس:
" حاولي ان تنامي بعض الشيء. غدا سيكون نهارا طويلا. وستكونين في حاجة لكل قواك."
صوت جايسون الناعس شد من عزيمتها. فاسترخت وسرعان ما لجأت الى النوم العميق.
عندما فتحت ديانا عينيها، كانت الشمس قد اشرقت، وكل ما حولها ساكن. وللحظة قصيرة، تسائلت ما ذا كان ما حدث امس مجرد حلم. استدارت، وكانت الجهة الثايه من السرير فارغة. جايسون كان قد غادر. فنهضت ونظرت الى الكرسي حيث وضع جايسون قميصه وسترته. فلم تر شيئاً.
ذهب دون ان يترك اية رسالة. نهضت من سريرها، ودخلت الحمام لتأخذ حماما سريعا، ثم ارتدت فستانا من القطن المعرق. وبينما كانت تسرح شعرها، رن جرس الهاتف.
وفي اضطراب، امسكت بالسماعة وسمعت صوت جايسون:
" واخيرا استيقظت ايتها الكسولة. ما رأيك في تناول فطور الصباح، لأشرح لك كيف نظمت سفرك الى يونو. فلم تسمح لنا الظروف ان نتكلم عن هذا الامر امس. "
سألته ديانا:
" اين انت؟ "
" في قاعة الاستقبال. انتظرك بعد ثلاث دقائق."
" بعد خمس دقائق."
كان يتمشى مثل اسد في قفص. ولاحظت ديانا ان النساء العابرات يتريثن لينظرن اليه. كان ممشوق القامة، اشقر، لوحته الشمس في هذه البلاد، حيث معظم الرجال سمر وشعرهم اسود.
قال لها من دون مقدمة:
" اتصلت بغاري فاوست. انه وكيل مدير الشركة. لقد ابلغني ان كريستوفر امضى ليلة جيدة في المستشفى. وهو موافق ان ترافقيني الى بونو."
سألته وهي تتوجه نحو غرفة الطعام:
" ماذا؟ هل كنت في حاجة لأستئذانه؟"
" لا، لكن الاشخاص الذين يقومون بالابحاث في حقول النفط، يفضلون ان يعرفوا مسبقاً مع من يتعاملون. انهم يخافون ان تقدم الشركات المنافسة على ارسال من يتجسس عليهم."
" شكرا. لم اكن افكر ان..."
فوقفت فجأة وجلست في الكرسي امام الطاولة.
" لم تفكري بماذا؟"
" انك قلق لهذا الحد لما حصل لأبي."
رمق جايسون ديانا في استغراب ثم هز رأسه وقال:
" ان لك رأياً غريبا في الناس عامة وفي انا بشكل خاص. لماذا تعتبرين ان الذي حصل لوالدك لا يهمني او يجعلني غير مبال ولا مكترث؟ اولاً انه انسان، كما اني اكن له كل محبة..."
توقف عن الكلام بعدما جاء الخادم ثن اضاف:
"ماذا تريدين ان تشربي؟ هل سبق وتذوقت الليمون الذي ينمو في هذه البلاد؟ يجب ان تجربيه. انه لذيذ الطعم وتجدينه فقط هنا في الاكوادور."
طلب جايسون كل ما يريد بلغة اسبانية صحيحة. وسألته ديانا بتعجب:
" لم اكن اعرف انك تتكلم الاسبانية؟"
" امضيت السنوات الثماني الاولى من عمري في هذه المدينة. لقد اخبرتك ذلك. ثم عشت في تكساس حيث اللغة الاسبانية هي بمثابة لغة ثانية. اتعرفين، ان الولد الذي يتعلم لغة اجنبية لا ينساها مدى الحياة. وعلى هذا الاساس عرضوا علي العمل هنا."
ثم اضاف فجأة:
" غيرت تسريحة شعرك."
وللمرة الاولى شعرت ديانا بالخجل امام زوجها. وفي حركة لا شعورية وضعت يدها على شعرها وقالت:
" قصيته حسب الموضه."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطائر الحزين
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
الطائر الحزين


انثى
عدد الرسائل : 735
العمر : 32
تاريخ التسجيل : 22/12/2007

الفصل الثالث(لا تقولي لا) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث(لا تقولي لا)   الفصل الثالث(لا تقولي لا) Icon_minitimeالأحد يناير 06, 2008 3:55 pm


" كنت افضله عندما كان طويلا."
وهنا شعرت ديانا كأنها ارتكبت جريمة لا تغتفر، لأنها قصت شعرها!
جاءت الترويقه المؤلفة من البيض المسلوق والقهوة ذات النكهة اللذيذة، وشرائح الخبز المحمص والزبدة. وراحت ديانا تأكل في شهية وهي تتذكر آخر فطور تناولته مع جايسون، منذ سنة تقريباً.
وفجأة تذكرت اليوم الذي سبق سفرها بمدة وجيزة، عندما سألت والدها عن جايسون، واين يمكن ان يكون. ولم تنتبه الا الآن انه لم يرد على سؤالها. ثم تذكرت سبب سؤالها عنه ولماذا ارادت ان تعرف مكان وجوده.
يجب ان تجد الوقت المناسب في الايام القليلة الباقية امامها لابداء رغبتها في الطلاق.
فجأة تقلصت معدتها ولم تعد قادرة على ابتلاع لقمة اخرى. اما جايسون، فكان يأكل بصمت ويشرب قهوته جرعة وراء جرعة ويدخن في هدوء سيكارا صغيرا.
قالت له ديانا:
" لم تكن تدخن."
" تغيرنا انا وانت في سنة واحدة. انت اصبح شعرك قصيرا، وانا صرت ادخن السيكار. على كل حال عندي اسباب لذلك. ففي الادغال، يساعد الدخان على ابعاد الذباب والبرغش. هل علي ان استأذنك قبل ان ادخن."
تشنجت اعصابها لكنها لم ترد، اذ قررت ان تحافظ على ضبط النفس بصورة تامة. واضاف جايسون يقول:
" اذا انتهيت من الاكل، من الافضل ان نذهب الان. وجدت مكانين في طائرة صغيرة ستغادر كيتو عند الضهيرة. هل هناك شيء تريدين القيام يه قبل مغادرتنا كيتو؟"
اجابت بتعجب بعد ان تذكرت:
" آه، لقد نست كلياً... كان من المفروض انا اتناول طعام الغداء اليوم مع ماريا سواريز سبق لوالدي ان دعا السينيور سواريز الى لندن، ونحن الان ضيوفها."
" اعرف، اما زلت تعملين عند الصديق باجي؟"
تعجبت ديانا ان جايسون ما زال يتذكر اسم معمل الالبسة الصغير الذي تعمل فيه، كانت تظن انه نسي كل شيء يتعلق بها.
" نعم ...اني ناجحة في عملي. والثياب التي اصممها تباع بكثرة."
ومن دون وعي، كانت تحاول اقناعه انها لم تمض تلك السنة في انتظاره، او في البكاء.
قال جايسون:
" لماذا جئت الى هنا مع والدك؟"
فكرت ديانا انها الطريقة االفضلى للتحدث عن الطلاق. لكنها لم تكن قادرة على الاقدام على هذه الخطوة. اجابة بتوتر:
" كنت انوي ان امضي عطلتي في مكان ما. فطلب مني والدي ان ارافقه. وكنت احب التعرف على اميركا الجنوبية. لست نادمة ابدا. انها منطقة رائعة."
سألها باسترخاء من دون ان يحول نظره عنها:
"هل تحبين كيتو؟"
اجابته مبتسمة:
" كثيراً. اعتدت على العلو الشاهق. اني اشعر باني في بلد ساحر."
" عندما تشاهدين الادغال، سترين انها اكثر سحراً. واذا بقيت هناك بعض الوقت، ستتغيرين كلياً."
ماذا يقصد بذلك، هل ان عمله في قلب الادغال جعله يتطور؟ ونظرت اليه ولاحظت التجوف تحت عينيه. فكان يبدو كأنه عاش تجربة قاسية جداً.
نهضت ديانا وقالت:
" يجب ان اعلم ماريا بالامر."
" هذا سهل جدا. سنمر عليها قبل ذهابنا الى المطار. اذهبي واحضري حقائبك، وغيري ثيابك، لان ثوبك هذا ليس لائقا بأمرأة ذاهبة الى قلب الادغال. وستضعين بقية اغراضك عند ماري."
" يبدو انك تعرفها جيدا."
" نعم، اني اعرفها جيدا. هيا لا تتأخري."
وفي السيارة كانت ديانا تتأمل وادي كيتو، والمنازل ذات السقوف المبنية من حجارة القرميد الاحمر، واالقباب المستديرة للأديرة والكنائس القديمة. فجأة قالت ديانا:
" سيكون من الصعب جدا ان تشرح لماريا اننا متزوجان، واننا..."
اجابها وهو يسرع في القيادة:
" واننا...ماذا؟"
" واننا مفترقان."
سألها في سخرية:
" وهل نحن مفترقان حقاُ؟"
" كيف تفسر اننا لم نعش مع بعضنا كما يجب قبل ذلك ايضاً. على كل حال، ماريا انسانة متفهمة. انا سبق واخبرت سانشو عن وضعنا، ولابد انه اخبر ماريا بذلك. سيتسائلان لماذا نتصرف بهذه الطريقة لكن، من ناحية اخرى، انهما شخصان متسامحان، ويقبلاننا كما نحن، من دون ان يطرحا اي سؤال. وهذا ما يعجبني فيهما."
وفهمت ديانا ان جايسون اراد ان يجعلها تلاحظ انها غير قادرة على ان تقبل الناس كما هم، من دون اسئلة.
وصلت السيارة بهما الى قلب المدينة. المارة يجتمعون على الارصفة: رجال اعمال انيقون، جنود بالبذلو الرسمية، تلاميذ واقفون في الصف، ربات المنازل يتأبطن السلال، هنود يرتدون معطف البونشو المختلف الالوانن والقبعات المحاكة من القص المحلي.
كان جايسون يقود السيارة في الشارع الرئيسي بعدما راح يعبر طرقات صغيرة مارا تحت رواق مزين بالفاكهة والازهار. ثم توقفت السيارة في الساحة الكبرى التابعة لمنزل عائلة سواريز، وهم منزل رائع من الطراز الاسباني.
سمعت ديانا صوت المياه و زقزقة العصافير المتجمعه حول المياه. ولاحظت كثافة المزروعات: اشجار الليمون في جوار الصبار، وكذلك شجر النخيل الذي يعكس ضلا مبعثرا على الارض المبلطة بالفسيفساء. وفي كل مكان من المنزل كانت ترى النباتات المتسلقة على الجدران البيضاء، المحملة زهوراً حمراء وصفراء.
قالت ديانا بسحر:
" انها من الاماكن المفضلة لدي."
اجابها جايسون:
" وانا ايضاً، احب هذا المنزل كثيراً."
انفتح الباب الخشبي القديم المنحوت. وظهرت ماريا سواريز، انها امرأة نشيطة، مرحة ومليئة بالدفء. راحت مسرعة نحو جايسون وقبلته قائلة:
"جايسون،صديقي، كيف حالك؟"
اجابها بالاسبانية وهو يشير نحو ديانا. عانقتها ماريا وقالت:
" آه، ديانا، اني اسفة جدا لما حصل لوالدك. ماذا تنوين فعله؟"
اجاب جايسون:
" اني اصطحب ديانا الى بونو حتى نرى والدها اليوم. وستقلع الطائرة عند الضهر."
قالت ماريا وهي تهز رأسها موافقة:
" حسناً. هكذا يجب ان تتم الامور. عندما يكون هناك مشاكل، فنحن كلنا في حاجة الى الذين نحبهم. تفضلوا وادخلوا الى المنزل. ما رأيكما بفنجان قهوة قبل رحيلكما."
سألها جايسون:
" هل يمكنك ان تؤدي لنا خدمة بسيطة يا ماريا؟"
اجابت ماريا:
" بكل سرور، ماذا تطلبون مني ان افعل؟"
" هل يمكن لديانا ان تضع عندك جزءاً من حقائبها، من اجل الا نضع ثقلا في الطائرة؟"
" طبعا، بوسعك ان تضع الحقائب في الغرفة التي سكنت فيها، يا صديقي. سنأخذ القهوة القهوة في قاعة الاستقبال. رامون هنا في المنزل واعتقد انه يحب ان يراكما."
كانت الغرفة التي سكن فيها جايسون تطل على الحدائق المزروعه بجميع انواع الفاكهة المحلية. وكان اثاثها فاخراً.
قالت ماريا وهي تساعد ديانا على اختيار الفساتين التي تنوي اخذها معها الى بونو.
" جايسون بقربك وسيساعدك لترتبي امورك وتحلي مشاكلك، كما يفعل الزوج الصالح."
تلعثمت ديانا وهي تقول:
" لابد انك استغربت اني... اني لم احدثك عنه."
"هذا لم يفاجأني! انني اعرف كيف يحتفظ الانكليز بمشاكلهم لانفسهم. لقد ادركت انك زوجة جايسون، لانك تحملين اسم عائلته."
" لم اكن اعرف انه موجود في الاكوادور. لم يقل لي ابي شيئاً بهذا الخصوص."
اجابتها ماريا وهي تبتسم:
" لكن والدك يحبك كثيراً، يا عزيزتي. وهو قلق عليك اكثر من اللزوم."
اجابتها ديانا:
" صحيح؟هل كنت تعرفين ان جايسون متزوج؟ هل اخبرك بذلك؟"
"نعم، كنت اعرف انه متزوج، لكن ليس جايسون الذي اخبرني بذلك. لم يكلمني عنك منذ ان عرفته، وحتى عندما سكن عندنا بعد الحادث الذي اصابه."
"حادث؟ اي حادث؟"
تذكرت ديانا فجأة آثار الحروق التي رأتها على جسم جايسون الليلة الفائتة.
اجابتها ماريا بتعجب:
" لم تسمعي بالحادث؟ الم يخبرك جايسون بالحادث الذي تعرض له؟ آه، اني لا ارى داعيا لهذا الكتمان. نحن شعب اميركا الاتينية، لا يمكننا ان نفهمكم ابدا، انتم الانكليز!"
سألتها ديانا بالحاح:
" ارجوك، اخبريني ماذا جرى له؟"
قالت لها ماريا وهي تدلها الى السرير المغطى بالحرير الثمين:
" تعالي واجلسي هنا لحظة."
" حدث ذلك بعد مجئه الى هنا باسبوعين تقريبا. لقد تهدم بئر من ابار النفط وبقي احد الرجال تحت الانقاض. حاول جايسون ان يرفع قضبان الحديد لينقذه، لكن احدى القطع الكبيرة سقطت عليه. واعتقد الجميع انه قتل. في كل حال، لو لم يكن يتمتع بقوة ومناعة، لما استطاع ان يقاوم الآلام التي عذبته بضعة شهور وكان قضى نحبه. لازم الفراش لمدة ستة اشهر. وخلال فترة النقاهة، كان يسكن هذه الغرفة، آه، ما كان يجب ان اخبرك. اراك شاحبة اللون. ارجو الا يغمى عليك؟"
" انا على ما يرام، اؤكد لك ذلك ذلك. اكملي. ارجوك. لماذا جاء يسكن هنا؟"
" كما تعرفين، سانشو زوجي، له مصالح في الشركة النفطية حيث يعمل جايسون. وسبق له ان تعرف الى والد جايسون وتذكر وفاته المؤسفه في بلادنا. عندما ذهب سانشو الى المستشفى لزيارة زوجك، خيل اليه ان شيئاً ما يدور في رأسه لم يعجبه. كان يائساً ومن الصعب ان يشفى تماما اذا بقيت معنوياته هابطة. وعندما اخبرني رامون بذلك، طلبت منه ان يقترح عليه الشكن عندنا. فقد كنت اهتم به كل الاهتمام. بمساعدة ابنة اخي روزا. تكلمنا عن اشياء كثيرة، لكنه لم يلمح الى وجودك بأي اشارة. ما الذي جعلكما حزينين هكذا، يا ديانا؟"
" لقد تشاجرنا."
" تشاجرتما؟ هه هه! سامحيني اذا ضحكت هكذا، لكن ماذا تعني المشاجرة؟ سانشو وانا غالباً ما نتشاجر، لكننا نتصالح دائماً، وبسرعة."
اجابت ديانا:
" لكن في مثل وضعنا، كانت الامور حساسة للغاية. ان كذب جايسون علي. لم يكن قد مضى على زواجنا اكثر من تسعة اشهر، عندما اكتشفت ان هناك امرأة اخرى..."
توقفت فجأة عن الكلام، بعدما ادركت انها ذهبت بعيداً في الاعتراف.
اجابتها ماري بصوت ناعم:
" انا افهمك، انت تتعذبين. وبسبب هذا العذاب اردت ان يتعذب هو بدوره. ثم هناك عنفوانك. يا للأسف، لان جايسون في حاجه الى دفئك والى نعومتك. اني آمل ان ينفتح قلك له من جديد، وان تحبيه من جديد. هيا بنا نتناول القهوة. ان رامون يصر على لقائك."
دخلا قاعة الاستقبال وكان رامون في انتضارهما. انه رجل نحيف، ذو شعر اسود وملامح ناعمة تقدم من ديانا، التي فوجئت، اذ راح يقبل يديها بشغف كبير ويقول بنبرة مسرحية:
" اني اسف جدا."
"لماذا؟"
اجابها وهو ينظر الى جايسون:
" لأني علمت الآن انك زوجة جايسون، هذا الانسان الرائع."
" لكن كنت تعرف اني امرأة متزوجة، لابد ولاحظت خاتمي."
" نعم، لكني اعتقدت انك ارملة. لم تخبرينا عن زوجك."
سمعت ديانا صوت جايسون يناديها من الغرفة المجاورة:
" ديانا، هل انت مستعدة؟"
اقترب جايسون من رامون وقال له مازحاً:
" لا تتعب نفسك، يا صغيري، السيدة ليست في سنك."
" لم اعد ولداً صغيراً اني رجل مثلك!"
" اتعتقد ذلك؟ يبدو لي انك ما زلت متعلقاً بثياب امك."
قالت ديانا لجايسون وهي في السيارة:
" ما كان يجب ان تسخر من رامون. كان يريد المزاح فقط".
" الم تنتبهي ان رجلاً من عمره من السهل ان يقع في شراك الغرام. انه يفتش عن المرأة المثالية. ومن الممكن جداً ان يتصور انك انت تلك المرأة. الا تعرفين انك تجذبين الرجال، خاصة بعدما نضجت بعض الشيء."
" انا لست آكلة الرجال!"
" في كل حال، انت تحبين ان يغازلك الرجال. انا، الذي اعتقدت انك امرأة رائعة، عندما تعرفت عليك، اصبت بخيبة الأمل."
كلامه هذا كان صدمة لديانا. فراحت تغرز اظافرها في كفيها. فهي تتعذب لما يقوله الآن.
غادرت السيارة المدينة ودخلت في طريق عريض تصل بهما الى المطار. ومن بعيد بدأت تظهر مرائب الطائرات. وفي الاعالي برزت الجبال الخضراء التي كانت ترى بوضوح تحت سماء زرقاء خالية من الغيوم.
شعرت ديانا بالألم يهدأ في داخلها. لماذا هي وحدها تتعذب؟ كل الكبت الذي تراكم خلال 15 شهراً. انبثق ثانية وانهمر عليها كالحمم التي يقذفها البركان عند ثورانه.
قالت ديانا غاضبة:
" لم تكن الوحيد الذي اصيب بخيبة امل. انا التي لم اكن سوى فتاة مسكينة عاطفية تتعلل بالاوهام، وقعت في غرام رجل اعتقدته صادقاً، كما تصورت انه يحبني كما احببته! واعتقد انك عندما تزوجتني، كنت مستعداً للتخلي عن حريتك. لكن لم تكن مؤهلا لذلك. فلم يكن في نيتك التخلي عن اي شيء لتصبح زوجاً كما يجب، ولم تتصرف معي كما لو كنت زوجتك. لم اكن بالنسبة اليك غير امرأة كبقية النساء، عبدتك، تلك التي تأتي لزيارتها في لندن، من وقت الى آخر ..."
اجابها بحدة:
" هذا غير صحيح."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطائر الحزين
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
مشرفة المناقشات الجادة والمواضيع الهامة
الطائر الحزين


انثى
عدد الرسائل : 735
العمر : 32
تاريخ التسجيل : 22/12/2007

الفصل الثالث(لا تقولي لا) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث(لا تقولي لا)   الفصل الثالث(لا تقولي لا) Icon_minitimeالأحد يناير 06, 2008 3:56 pm

اذن، لماذا ذهبت هكذا، بغتة؟ لماذا لم تكتب لي تقول اين انت؟ لم تكن تريدني؟ او لأنك كنت سعيداً للغاية لأني اعطيتك فرصة الانفصال عني!"
شعرت ديانا بانزعاج وسكتت وراحت تحدق بالطريق امامها من دون ان ترى شيئاً. كان قلبها يخفق بسرعة. واقتربت السيارة شيئاً فشيئاً من ابنية المطار. ثم دخلت الباحة المخصصة لوقوف السايرات و وقف في احدى المواقف قرب السيارات الاخرى. وبهدوء تام. اقفل جايسون محرك السيارة. و وقع الصمت المزعج بينهما.
القت ديانا نظرة جانبية الى جايسون. كانت يده ممسكة بمقود السيارة. فالتفت نحوها واصبحا وجهاً لوجه. كان وجهه قناعاً لا يمكن اختراقه.
قال اخيراً في نبرة ساخرة:
" اذن، هكذا تنظرين الى الامور. اني اعرف جيداً كم الذي ساعدك على تبني هذا الرأي. صديقتك العزيزة، اونيس فهي غيورة منك لدرجة انها تعمل كل جهدها لاتهامي امام عينيك..."
تلعثمت ديانا وراحت تدافع عن صديقتها:
"لم تقل...اعني، لم تكن ..."
لكنها اضافت بفضول:
" اونيس، تغار مني؟ ما تعني بذلك؟ لماذا تغار مني؟"
" لست انا الذي سوف اشرح لك ذلك. لكني احب ان تعرفي اشياء كثيرة. عندما ذهبت بغتة كما تقولين، جئت الي هيوستن. وهذا ما قلته لك. ومن هناك جئت تراً الى كيتو لأحل مكان وكيل المدير الذي يختص بالابحاث. واتصور انك لن تصدقي ما سوف اقوله الآن. كنت اريد ان اكتب اليك واطلب منك ان تأتي الى هنا. وكنت وجدت لنا منزلاً في المدينة، وهكذا نكون معاً كلما اعود من الادغال. لكن قبل ان اجد الوقت للكتابة، كان علي التوجه الى الاماكن حيث تجري الابحاث، وذلك من اجل تصفية احد المشاكل. وهناك، حدث شيء ما فمنعني من تحقيق هذا المشروع."
" الحادث، اعرف، اخبرتني ماريا اليوم."
وشعرت ديانا بالألم عندما تصورته جريحاً وهي عاجزة عن فعل اي شيء لمساعدته و الاهتمام به.
تابع جايسون كلامه كأنه لم يتوقف:
" ولما بدأت صحتي تتحسن وصرت قادراً على الوقوف، وصلت رسالتك. وبسبب التأخير في البريد، بقيت الرسالة في الطريق اكثر من ثلاثة اشهر."
توقف لحظة واخذ نفساً عميقاً ثم تابع:
" اتعرفين بماذا فكرت عندما قلت لي في رسالتك انك مستعدة لتسامحيني. بالنسبة الي هذا يعني انك فقدت الثقة بي، وانك ما زلت تعتبرينني دجالاً محتالاً. وبما انك تنظرين الى علاقتنا بهذا المنظار، فأنا لا اريده هذه العلاقة. ولهذا السبب رفضت الاجابة على رسالتك. وكنت آمل ان تنضجي ذات يوم، وتنظري الى الاشياء بعين مختلفة، او..."
توقف عن الكلام ثم ما لبث ان اضاف بصوت قاتم:
" او ان تطلبي الطلاق."
ان فكرة الطلاق التي حاولت ان تكبتها في اعماقها، طفت الي السطح وبدت بشعة. وغريزياً حاولت ديانا ان تبعد هذه الفكرة لأنها ادركت انها لا تريد الطلاق بالفعل.
قالت بصوت منخفض:
" اني آسفة للحادث الذي اصابك، والآلام التي عانيت منها. لو فقط اخبرني احد بالامر..."
اجابها بمرارة:
" ماذا كان حدث؟"
" كنت اخذت الطائرة والتحقت بك..."
"لتمسكي بيدي وتقولي انك سامحتني؟ لا شكراً."
ادارت ديانا وجهها حتى لا تدعه يرى الدموع التي بدأت تتساقط.
تابع جايسون:
" ارجو ان تفهمي ما كنت احاول قوله. لا اريد منك ان تسامحيني، لست في حاجة لأن احصل على الغفران. ليس عندي شيء آخذه على نفسي."
" لكنك رفضت ان تقول لي لماذا ذهبت الى باريس. انه شكل من اشكال الكذب، اليس كذلك؟"
وفي عنف، فتح باب السيارة وخرج منها. ثم انحنى قليلاً وقال لها من خلال النافذة:
" ما الجدوى من الكلام. ارجوك ان تخرجي من السيارة وان تسرعي، لأنه اذا بقينا هنا نتجادل، فلن نستطيع ادراك الطائرة التي لن تنتظرنا بالطبع. هيا اتبعيني."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العارف بالله
المشرف العام
المشرف العام
العارف بالله


ذكر
عدد الرسائل : 444
العمر : 41
الموقع : https://fager.ahlamontada.com
تاريخ التسجيل : 19/12/2007

الفصل الثالث(لا تقولي لا) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث(لا تقولي لا)   الفصل الثالث(لا تقولي لا) Icon_minitimeالأربعاء يناير 09, 2008 2:05 am

الفصل الثالث(لا تقولي لا) 88649 الفصل الثالث(لا تقولي لا) 695169 جميلة جدا يا اية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fager.ahlamontada.com
شقــى
عضو ماسى
عضو ماسى
شقــى


ذكر
عدد الرسائل : 77
العمر : 32
الموقع : www.game-over.all-up.com
تاريخ التسجيل : 22/12/2007

الفصل الثالث(لا تقولي لا) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث(لا تقولي لا)   الفصل الثالث(لا تقولي لا) Icon_minitimeالخميس يناير 10, 2008 2:59 am

بصراحة انا مكسل اقرء دة كلة بس مشكورر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.game-over.all-up.com
 
الفصل الثالث(لا تقولي لا)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 2- لا تقولي لا الفصل الثاني
» قصه غضب العاشق (الفصل الثالث)
» غضب العاشق ( الفصل الرابع )
» الفصل السادس (قصه: غضب العاشق)
» الفصل السابع (قصه غضب العاشق)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: القصص والحكايات-
انتقل الى: